…" قليل في الاعتذار عنه : إنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره ، وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره ، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع من الاحتجاج بهم ، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها ، ومن ذلك : أنه أخرج حديثاً لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وكان قد ذكره في الضعفاء ، فقال : "إنه روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه " اهـ.
…ولكن السبب الأوجه هو ما ذكره الحافظ أيضاً ، وهو أن الحاكم – رحمه الله- ألف الكتاب في البداية وجعله مسوداً . وعادة أي إنسان يؤلف التسامح في أي شيء يرد عليه ، ثم بعد ذلك يرجع فينقح ويبيض تلك المسودة ، والكتاب بعد التنقيح هو الذي يؤاخذ عليه المؤلف.
…فقد ذكر ابن حَجر أن المستدرك مجزء إلى ستة أجزاء ، ، وقد نجد في حوالي النصف الثاني من نهاية النصف الأول وبداية النصف الثاني من المجلد الثاني القول بأنه إلى هنا انتهى ما أملاه علينا أبو عبد الله الحاكم .
…والمستدرك الآن مطبوع في أربعة مجلدات ، والمجلد الأول هو الذي ينطبق عليه كلام الحافظ ابن حجر ؛ أي هو الذي أملاه الحاكم ، وأما المجلدات الثلاثة الباقية فلا .
…يقول ابن حجر : إن هذه الموضوعات من الأحاديث التي انتقدت على الحاكم إنما تأتي في القدر الذي لم يمله .
…ثم يستدرك ابن حجر على هذا بصنيع البيهقي ، ويقول : إن البيهقي إذا روى عن شيخه الحاكم حديثاً من الأحاديث التي في الربع الأول في القدر الذي أملاه يصرح بالتحديث ، فيقول: حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، لكن إذا روى حديثاً من الأجزاء الباقية – الثلاثة الأرباع الباقية – لا يصرح بالتحديث ، وإنما أخذ ذلك بطريق الإجازة .