…سمع – رحمه الله – في رحلته إلى مصر من أحمد بن صالح المصري الذي هو أحد الأئمة الذين في طبقة الإمام أحمد ، وهو إمام مشهور كثرت عبارات العلماء في الثناء عليه ، إلا أن النسائي بدلاً من الرواية عن ذلك الإمام والثناء عليه ، انقلب على الضد ، فأصبح ينال من أ؛مد بن صالح المصري ، ويتكلم فيه ، ويتهمه بالكذب ، إلى غير ذلك من العبارات التي وردت عن النسائي في حق هذا الإمام .
…وقبل أن أذكر السبب في ذلك أذكر بقصة أبي داود عندما كان حريصاً على السماع ، بل حتى على إسماع أبنائه من الشيوخ الذين يستطيع أن يسمعهم منهم ، ومن ذلك أنه رحل بابنه عبد الله إلى أحمد بن صالح المصري وأحضره معه في الحلقة ، وقد وضع أبو داود لابنه عبد الله لحية مستعارة ؛ لأن أحمد بن صالح لم يكن يسمح للمردان بالحضور إلى حلقته .
…وقد وردت القصة بلفظ آخر ، ولعله من هو الأصوب ، وهو أنه قيل : إن أبا داود أحضر ابنه وهو أمرد ، ولم يكن وضع له هذه اللحية التي قيل إنه وضعها له ، وحينما أحضره رفض أحمد بن صالح أن يحدث حتى يخرج أبو داود ابنه ، فقال له أبو داود : إنه أحفظ وأذكى من الملتحين فامتحنه ، فامتحنه أحمد بن صالح فوجده أهلاً للتحمل ، فسمح له باستثناء .
…وقد قيل إن أحمد بن صالح كان عسراً وشديداً في الإسماع ، لا يسمع أحداً حتى يأتيه برجلين يزكيانه ، فيحتاج أن يأتي قبل ذلك فيستأذن ويأتي بمن يزكيه ، وكان لا يسمح للمردان أيضاً ؛ ومع ذلك قالوا فيه عسر وشدة في خلقه ، بل وصف – رحمه الله – بشيء من العجب والتيه ؛ كل هذا يبدو أنه كان عاملاً في الوقيعة التي وقعت بينه وبين النسائي .