…وقد يخرج النسائي – رحمه الله – أحاديث ضعيفة ينبه في كثير من الأحيان على ضعفها ، وقد يفوته أو يسكت عن الكلام عن ضعفها .
…وما قيل عن أن السنن الصغرى هي التي اختارها النسائي واختصرها من السنن الكبرى لتضم الحديث الصحيح ، هذا ليس بصحيح .
…وما قيل من إطلاق الصحة على سنن النسائي سواء الكبرى أو الصغرى ، هذا ليس بصحيح ، بدليل واقع السنن ، بل إن النسائي نفسه هو الذي يُعل هذه الأحاديث ويضعفها ، وهذا يقدح في هذه المقولة .
…وما قبل عن بعض العلماء أنهم حكموا عليها بالصحة ، يمكن أن يأول هذا الكلام على أنهم أرادوا أنها تضمنت مقداراً كبيراً من الأحاديث التي تربو عن أي كتاب آخر ، وتجنبت الأحاديث الموضوعة والمنكرة ، وإن ورد فيها شيء من ذلك فهي قلة ، والقليل يعتبر من الشاذ الذي لا يبنى عليه حكم .
…إذن سنن النسائي تعتبر من الكتب الحديثية التي تحتاج إلى النظر في أسانيد الأحاديث التي فيها – التي ليست في الصحيحين – فيمكن أن يكون الحديث صحيحاً ، ويمكن أن يكون غير صحيح ، ويمكن أن يكون هذا الذي ليس بصحيح قد تكلم عنه السنائي نفسه وأعله وبين ضعفه ، ويمكن ألا يكون النسائي قد بين ضعفه .
…ولذلك لا ينبغي لطالب العلم أن يتكئ على مجرد إخراج النسائي للحديث ليحكم عليه بالصحة ، بل يمكن أن يستأنس بصنيع النسائي مجرد استئناس إن لم يعل الحديث ، ويمكن أن يطمئن طالب العلم إذا بحث ووجد الإسناد صحيحاً والنسائي لم يبين علته ، فعلى أقل الأ؛وال ، يقول : لو كان للحديث علة لبينها النسائي مع اجتهادي في طلب الحديث وجمع طرقه والحكم عليه بالصحة .
…والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .