…أن الذهبي قد يحذف الحديث ؛ لأنه يرى أنه مكرر ، ويصرح بذلك ، فيقول : "وقد أعاده الحاكم في الموضع الفلاني" ، فتأتي للموضع الفلاني ، فتجد الذهبي لم يأت بالحديث اختصاراً منه ، فلا داعي لتكرار الحديث .
السبب الثالث :
…وقد يكون الحديث سقط من نفس تخليص الذهبي ، فإن هذه النسخة التي طبعت سواء المستدرك أو تلخيص الذهبي نسخة سقيمة ، وتحتاج إلى إعادة تحقيق وإعادة نظر وضبط على أصول خطية جيدة . وعندي أمثلة كثيرة على سقط مهم جداً ، فأحياناً في تعقيبات الذهبي للأحاديث نجد الكلام سقط من هذه النسخة المطبوعة ، ولكنني أجده في النسخ الخطية ابن الملقن، فإذن هذه الأمور كلها تكشف هذا الكتاب .
…وبذلك أكون قد انتهيت من الكلام باختصار على مستدرك الحاكم ، وأرجو أن يكون قد وضح ولو بعض الشيء .
…وعلى كل حال : هذا منهج ليس علمياً ، لكن الصواب أن يتكلم عن المناهج أنفسها، فيقال : من يتساهل في الأحاديث ويعتبر أن مجرد جمع الطرق الضعيفة ، أنه يكفي لجعل الحديث حسناً لغيره ، ويعتمد عليه ، فيمكن أن ينقد هذا المنهج كـ "منهج" ، لكن لا نجعل هناك قضية القضايا هي : منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين !!
…إذن إطلاق العبارة بهذه الصورة خطأ ، ولكن يمكن أن يتكلم عن الشخص ، فالسيوطي إذا تناولته بالنقد أستطيع أن أقول : إن السيوطي متساهل ، بل له منهج غير جيد ، فحينما يرى حديثاً فيه ضعيف شديد – وهو الذي فيه رو متروك ، وما إلى ذلك – يقول : يمكن أن يرتفع ضعفه بتعدد طرقه ، وهذا منهج عند السيوطي ، وقد صرح به في ألفيته وفي "التدريب".
…نقول : هذا المنهج عند السيوطي منهج خطأ ، فننقد منهج السيوطي نفسه .
…ولو جئنا إلى ابن حجر ، نقول : ابن حجر في كلامه على الرواة في "التقريب" جيد، وفي نقده للأحاديث في "فتح الباري" لا بأس به ، ولكننا نجده في أجوبته عن "مشكاة المصابيح" في بعض الأماكن عنده شيء من التساهل .