…ومنهجه – رحمه الله – صرح به في إخراج بعض الرواة ، فإنه صرح أنه لا يترك حديث الراوي حتى يجمع الأئمة على تركه ، ولعل مقصده – رحمه الله – في إجماع الأئمة هو إجماع أئمة طبقة معينة .
…فمثلاً إذا جئنا لراو حدث عنه عبد الرحمن بن مهدي وتركه يحي بن سعيد القطان ، يُعتبر النسائي مثلاً هذا الصنيع من باب الاختلاف في ذلك الراوي ، فيقول : إنه ما دام لم يجمع يحيى بن القطان وعبد الرحمن بن مهدي على ترك ذلك الراوي فأنا لا أتركه بهذه الصورة ، لأننا نجده أحياناً يترك أحاديث بعض الرواة الذين ليسوا بهذه الصفة مثل ابن لهيعة ، فلم يجمع الأئمة على ترك حديثه ، بل الأمر فيه مختلف ، ولكن النسائي ترك حديثه ؛ لأنه ترجح لديه جرح ابن لهيعة.
…والذي يدل على هذا ذلك الحديث الذي أخرجه النسائي من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم مختلف فيه ، والراجح في حالة أنه صدوق حسن الحديث إن شاء الله(1) .
…وقد روى عبد الله بن عثمان بن خثيم حديثاً أخرجه عنه النسائي في السنن ، وهو حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى موسم الحج ليقرأ عليهم سورة براءة(2) ، والحديث معروف .
…فإذن هو حينما أخرج حديث هذا الراوي بين أن هذا الراوي من الرواة الذين اختلف أئمة الحديث فيهم ، فعلي بن المديني يجرحه ، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان روايا عنه ؛ أي أنهما عدلاه . فهذا يدل على اختلافهم في هذا الراوي ، ولذلك خرج حديثه ، فهذا الصنيع منه يدل على صدق العبارة التي ذكرت عنه .
__________
(1) عبد الله بن عثمان بن خثيم ، القارئ المكي ، أبو عثمان ، صدوق ، من الخامسة ، مات سنة 132. أخرج له البخاري تعليقاً وباقي الستة . تقريب ت : 3836 .
(2) أخرجه السنائي (5/247) .