…أنه حفل باستنباطات فقهية دقيقة يعنون بها على كل باب، أي أن فيه شبهاً من صنيع البخاري – رحمه الله – في أبوابه، ويتبع ابن خزيمة هذه الأبواب بالأحاديث. فكتابه هذا يعد كتاباً فقهياً ذا أهمية بالغة، لأن هذه الاستنباطات من ابن خزيمة مبنية على أدلتها، مستندة إلى نصوص يخرجها في نفس الكتاب.
…يضاف إلى ذلك التعليقات المهمة على كثير من الأحاديث، إما يفسر فيها لفظاً غريباً، أو يوضح معنى مستغلقاً، أو يرفع إشكالاً، أو يزيل إبهاماً، أو يجمع بين روايتين ظاهرهما التعارض، أو يذكر اسم رجل بتمامه إذا ذكر في الإسناد بالكنية أو اللقب، أو ذكر اسمه دون نسبه.
…ويتكلم في بعض الرجال جرحاً وتعديلاً، ويرد رواية المدلس إذا كانت بالعنعنة ممن لا يحتمل تدليسه عنده، وكذا رواية بعض الضعفاء المختلطين وإن كانت من الاختلاط.
…ونصه كذلك على عدم سماع بعض الرواة من شيوخهم، وبيانه لعلل الأحاديث الخفية على اختلاف أنواع هذه العلل، إما لسقط في الإسناد غير ظاهر، أو لقلب في المتن أو السند، أو غير ذلك من أنواع العلل.
أمثلة على استنباطاته الفقهية:
…ونورد بعض الأمثلة على ما ِأشرنا إليه:
…ومن أمثلة أستنباطاته الفقهية قوله(1): "باب ذكر إسقاط فرض الجمعة على النساء، والدليل على أن الله عز وجل خاطب بالأمر بالسعي إلى الجمعة، عند النداء بها في قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} الرجال دون النساء(2)، إن ثبت هذا ا لخبر من جهة النقل. وإن لم يثبت فاتفاق العلماء على إسقاط فرض الجمعة على النساء كاف من نقل خبر الخاص فيه"أهـ.
__________
(1) انظر: صحيح ابن خزيمة (3/111-112).
(2) يعني: خاطب الرجال دون النساء.