…أقول : سنن النسائي الموجودة نوعان :
…الأول : السنن الكبرى .
…الثاني : السنن الصغرى ، والمساة بـ " المجتبي" أو " المجتني" .
…والاختلاف واقع حول الذي صنف المجتبى – السنن الصغرى – هل هو النسائي أم غير النسائي . وفي هذا الاختلاف وقع جدل طويل ينتصر فيه كل فريق لرأيه .
الرأي الأول :
…هناك من يرى أن الذي ألف هذا المجتبى هو ابن السني الراوي لها ، وهذا هو راي الذهبي، وابن ناصر الدين الدمشقي رحمهما الله تعالى .
…والذي يظهر من صنيع المنذري والمزي أنهما يريان هذا وإن لم يكونا قالا ذلك صراحة ؛ لأننا نجد المنذري – رحمه الله – في شرحه لسنن أبي داود إذا عزى الحديث للنسائي يعزوه للسنن الكبرى ، والمزي – رحمه الله – حينما أخرج الأحاديث – أحاديث النسائي – في "تحفة الأشراف" أخرج أحاديث الكبرى ، وحينما تكلم عن الرجال في "تهذيب الكمال" تكلم عن الرجال الموجودين في الكبرى ، والكبرى متضمنة للصغرى في الأعم الأغلب ، . فكأن هذا يشكل رأيا للمنذري والمزي ، وأن كان في ذلك شيء من التكلفة بالنسبة لهذا الرأي لهما . فعلى كل حال : الذي نص على هذا صراحة هو الذهبي وابن ناصر الدين .
الرأي الثاني :
…وهناك فريق آخر – وهم كثر – كابن الأثير ، وابن كثير ، والعراقي ، والسخاوي ، وغيرهم – يرون أن هذه السنن الصغرى من تصنيف النسائي نفسه .
…وعمدة أصحاب هذا الرأي حكاية جاءت بإسناد منقطع لا تصح ، ويبعد أن تصح عن النسائي حتى لو وردت بإسناد متصل ؛ لأن واقع السنن يخالف مقتضى هذه الحكاية .
…يقولون : إن أمير الرملة لما اطلع على السنن الكبرى للنسائي ، سأل النسائي فقال : هل كل ما في هذا الكتاب صحيح ؟ فقال : "لا" . قال : فأخرج لي الصحيح منه ؛ فانتقى هذا المجتبى المسمى بالسنن الصغرى ،ـ وهو المطبوع والمشهور بأيدي طلبة العلم في هذا الزمان.