…ومنشأ النزاع أنهم يقولون : الذهبي لم يصرح بموافقة الحاكم ، فهو لم يقل : أصاب الحاكم ، أو : إنني أوافق الحاكم ، ولم ينص في المقدمة على إنني إذا قلت كذا فأنا موافق للحاكم، فكيف تنسبون للذهبي ما لم يقله ؟! .
نقول لهم : أولاً عرف دائماً أن الإنسان حين يحكي كلام عالم من العلماء فيم قام من المقامات ولا ينتقده ولا يتعقبه بشيء هو مقر له .
ومثاله : لو أن أحدكم سألني في مسألة من المسائل ، ولتكن مسألة الطلاق ثلاثاً ، فقال لي : ما تقول في الطلاق ثلاثاً ؟ فقلت له : الشيخ عبد العزيز بن باز يرى أنه يقع واحدة .
فأنا حينما أذكر كلام الشيخ ابن باز ولا أتعقبه بشيء يكون مقصودي موافقته على مثل هذا ، ولو لم يكن الأمر كذلك لقلت : الشيخ عبد العزيز يرى كذا ، وأنا أرى كذا ، هذا من الناحية اللغوية والناحية المنهجية عند العلماء .
ثم إننا إذا نظرنا لصنيع الأئمة من قبل الذهبي حتى هذا العصر الذي خرج فيه ، فإذا بنا نجد أن أحداً منهم لم يخالف هذا المنهج ، بل إن الزيلعي في " نصب الراية " – وهو تلميذ الذهبي – حينما ينتقل تصحيح الحاكم يقول في بعض الأحيان : " ووافقه الذهبي".
وقريب من هذا صنيع ابن الملقن، في طبقة الزيلعي ، ولكن لست أدري هل تتلمذ على الذهبي أم لا . يقول ابن الملقن في اختصاره(1) لكتاب الذهبي بعد أن ذكر حديث النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :" كل سبب منقطع يوم القيامة غير سببي ونسبي ".
قال : أخرج الحاكم هذا الحديث وصححه وتُعقب عليه . ثم بعد ذلك بأوراق في ترجمة فاطمة – رضي الله عنها – من حديث المسور بن مخرمة مرفوعاً : "إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري" ، ثم قال الحاكم : صحيح ، وأقره الذهبي عليه .
__________
(1) انظر : مختصر المستدرك(رقم576)، وهو أيضاً في المسند(4/323) .