…وإن كان يقصد تنزيه الله – جل وعلا – عن مشابهة المخلوق، وما إلى ذلك، يقال له: نعم الله جل وعلا منزه عن مشابهة المخلوق، ولكن هذه العبارة بما أنها لم ترد عن السلف وبما أنها عبارة موهمة؛ فالأولى أن لا تطلق، وأن لا تورد إطلاقاً.
…فابن حبان أنكر الحد لله، فهل يقصد نفي بعض الصفات، كمسألة العلو أو الاستواء أو ما إلى ذلك؟ أو يقصد غير ذلك؟ الله أعلم بمراده، ولكنه حينما أطلقها ثار عليه بعض علماء عصره ووعاظه مثل ذلك الواعظ يحيى بن عمار، ويبدو أنه كان من أهل السنة، وربما كان في نفسه على ابن حبان شيء، والله أعلم، والخلاصة أنهم ثاروا عليه فطردوه وأخرجوه من البلد بسبب إطلاقه هذه العبارة.
…سأل أحدهم (1) يحيى بن عمار، فقال له: هل رأيت ابن حبان؟ - يعني: هل أدركته؟ - فقال: كيف لم أره ونحن أخرجناه من سجستان لما قال: كذا وكذا، وذكر أنه أطلق هذه العبارة.
…فعلى كل حال، أكثر من يطلق هذه العبارة: "إنكار الحد لله" من ينفون بعض صفات الله، جل وعلا، عنه وبخاصة العلو،÷ وهذا بلاشك أنه مزلق خطير، ولذلك نجد بعض الذين جاءوا بعد ذلك كالسبكي وابن حجر – رحمهما الله – يصوبون ابن حبان ويخطئون من ثار على ابن حبان، فيقول بعضهم: ليت شعري، من المخطيء؟ هل هو المنكر للحد لله أو المثبت للحد لله؟
__________
(1) هو أبو إسماعيل الأنصاري كما في السير (16/97).