…كذلك أيضاً نجد أنه يورد في بعض الأحيان الأحاديث المتعارضة في الباب الواحد ، وهذه الأحاديث المتعارضة في معناها يمكن أن يستخلص منها أن النسائي – رحمه الله – يرى العمل بهذا وذاك ، ويمثلون لهذا بإيراده لأحاديث الجهة بالبسملة ، وعدم الجهر بها ، فقد أخرج
"أحاديث الجهر وأحاديث عدم الجهر"(1) ، فكأنه يشير إلى أنه يُعمل بهذه وبهذه ، ولم يرجع شيئاً من هذا الأحاديث على الأخرى . هذا بالنسبة لفقه الحديث .
عنايته بالناحية الحديثية في كتابه السنن :
…أما بالنسبة للناحية الحديثية أو الصناعة الحديثية ، فنجده – رحمه الله – في كثير من الأحيان يُعني بعلل الأحاديث ، فيورد الحديث من طرق متعددة على اختلاف الناقلين لهذا الحديث ، لكنه في البداية يورد الحديث من طريق ، ثم يبوب بعد ذلك باباً ، فيقول : "باب بيان اختلاف الناقلين للحديث عن فلان " – مثلاً عن الأوزاعي ، ثم يبدأ يذكر اختلاف على الأوزاعي ، مما يدل على أن كتابه هذا يعتبر من كتب العلل .
…أو أن النسائي – رحمه الله – عني بإبراز علل الحديث ، مثله مثل الدار قطني في كتاب "العلل" حينما يورد علل الأحاديث واختلاف الناقلين لها .
…فجمع النسائي – رحمه الله – بين الجودة الحديثية وبين الصناعة الحديثية وبين فقه الحديث، كما أشرنا سابقاً .
بعض فوائد كتاب السنائي (السنن) :
…كما أن كتابه تضمن فوائد عديدة مثل : تسميته لبعض المكنيين – أي المعروفين بالكني - ، وتكنيته لبعض المتسمين الذين عرفوا بأسمائهم ، مثل قوله : أبو عمار - : أسمه علي بن حميد.
…كذلك أيضاً من الفوائد الجليلة في كتاب النسائي حكمه على الأحاديث ، فنجده في كثير من الأماكن يقول : هذا حديث منكر ، أو هذا حديث غير محفوظ ، أو هذا حديث ليس بثابت ، أو هذا حديث صحيح .
__________
(1) انظر : سنن النسائي (2/134 فما بعدها) .