…فلذلك خطأ الحافظ ابن حجر مغلطاي على مقولته هذه ، مع اعتراف الحافظ ابن حجر بان سنن الدرامي أولى بالتقديم من سنن ابن ماجه ؛ لأن الضعيف في سنن الدرامي أقل بكثير من الضعيف في سنن ابن ماجه .
…ولكن الذي يظهر أن مثل ابن طاهر المقدسي لم يتلفت إلى سنن الدرامي لأجل احتوائها على الآثار الموقوفة والمقطوعة ؛ لذلك غض الطرف عنها .
…وإنما قدموا سنن ابن ماجه ؛ لأنها متضمنة للحديث المرفوع ولجودة ترتيبها ولجودة سياقه للأحاديث واختصاره للمتون ، ولبعض الجوانب قدمت سنن ابن ماجه مع ما فيه من الأحاديث الضعيفة ، بل حتى الموضوعة ، ويذكر الحافظ الذهبي أن هذا هو الذي حطّ قيمة سنن ابن ماجه عن بقية الكتب الستة ، وإلا ففيها جوانب يمكن أن تفضل بها هذه السنن على غيرها.
طبعات سنن ابن ماجه :
…وأختم كلامي هذا بالكلام عن طبعات سنن ابن ماجه ، فأقول : طبعت سنن ابن ماجه عدة مرات ، من أهمها طبعة مع شرح السندي ، وهي طبعة قديمة .
…والطبعة المشهورة هي التي بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، وإنما اشتهرت ؛ لأنها تتلاقى مع ترقيم المستشرقين في المعجم المفرس .
…وكذلك هناك طبعة أخيرة ، وهي التي حققها الدكتور محمد مصطفى الأعظمي ، ولكن هذه الطبعة تنقص حوالي مائتي حديث عن الطبعة التي حققها محمد فؤاد عبد الباقي ، وكنت قد سألته عن هذا ، فقال : أنا أخذت رواية من روايات سنن ابن ماجه ، وهي رواية معتمدة على نسخة موثقة صحيحة ، فأردت أن يكون هذا نموذجاً من الأعمدة التوثيقية لبعض كتب السنة ؛ لأنه كانت هناك مناقشة مع بعض الناس في ضرورة إعادة النظر في كتب السنة ، وضرورة توثيق أصولها وضبط نصوصها ، فكأن من تناقش معه أثار عليه دعوى ، وقال : أنت تريد أن تشكك في أصول السنة وما إلى ذلك ، فقال : إنني أردت أن أقدم نموذجاً من الفكرة التي دعوت إليها، فاخترت أصغر الكتب ، وهي سنن ابن ماجه ، وأخذت نسخة موثقة فنشرتها .