…فهذه المسألة وما تقدم من ذكره لجماعة من الضعفاء في كتابه " الضعفاء" ، وتصحيحه لأحاديثهم في المستدرك – يمكن الاعتذار فيهما عن الحاكم بأنه صنف كتابه في آخر عمره بعد أن ضعفت قواه وأصابه شيء من النسيان والغفلة ، وقد يكون يرى من نفسه أنه بلغ درجة الاجتهاد في الحكم على بعض الرجال بخلاف ما حكم به غيره من الأئمة ؛ بسبب بلوغه مرتبة الاجتهاد.
التعريف بمستدرك الحاكم على الصحيحين :
1- سبب تأليفه للمستدرك :
…ذكر الحاكم في مقدمة المستدرك السبب الدافع له على تأليفه لهذا الكتاب ، ويمكن أن نجمل ذلك فيما يلي :
…أ- أن البخاري ومسلماً صنفا في الصحيح كتابين مهذبين ، ولكنهما لم يحكمها ولا أحد منهما بأنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه .
…أي كأنه يقول : أنا يمكن أن أؤلف كتاباً في الصحيح زائداً على ما بالصحيحين ؛ لأن البخاري ومسلماً لم يدعيا حصر الحديث الصحيح فيما أخرجاه .
…ب- أنه ظهر في عصره جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار ويدعون أن جميع ما يصح من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث التي هي مجموع أحاديث الصحيحين تقريباً .
…فألح عليه أهل العلم في عصره للرد على هؤلاء المتبدعة ؛ لأنهم يرون للحاكم مكانة عظيمة في نفوسهم ، ومشهود له بقوة الحافظة وبالإتقان وبمعرفة علم الحديث بشكل تدل عليه عبارات العلماء الذين أطروه وأثنوا عليه .
…ولعل من الأمثلة الطريفة في هذا أن أبا الفضل الهمذاني قدم نيسابور وكان آية في الحفظ، وكان يفتخر على الناس بحفظه هذا ، فكان يحفظ القصيدة التي من مائة بيت من أول ما تلقى عليه ، فكان يهزأ بأهل الحديث ويقول : ما هذه الكتب ما دمت أحفظ القصيدة التي بهذا الطول من خلال إلقائها على مرة واحدة ، فأنتم بادعائكم الحفظ والإتقان لا تبلغون شأني ولا تقاربوني.