أولاً : لما ذكرته قبل من أن قصد بالحسن حسن الإسناد ، وهو الحسن الاصطلاحي ، فلم يقصد المعنى اللغوي .
ثانياً : أن هذا الكلام يتجه على الأحاديث الضعيفة ، بل حتى الموضوعة ، فبعض الأحاديث الموضوعة تجد أن متونها حسنة ، وبعضها تجد فيها حماساً للسنة ودفاعاً عن الإسلام ، وترغيباً في بعض الفضائل ، ونحو ذلك ، فهذه أيضاً من حيث المعنى اللغوي حسنة المتن ، ولكن لا يعني هذا الحكم عليها بالصحة ؟
ثم إن الترمذي –رحمه الله- بناءً على هذا التوجيه ينبغي أن يورد هذه العبارة في كل موضع ، فكل متن من المتون يعتبر حسناً ، لأن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - كله حسن ، فلماذا يكون في بعض المواضع يقول ( حسن صحيح ) ، وفي بعضها يقول : هذا (حديث غريب) ، كان الأولى أن يقول في تلك المواضع : هذا حديث حسن ، إذا كان المعنى اللغوي هو المراد فالقول بأن المعنى اللغوي هو المراد قول ضعيف لهذه الأسباب .
القول الراجح في قول الترمذي : ( حسن صحيح )
الحقيقة أن الرأي الذي أرجحه ، وجدت هناك من سبقني إليه وهو ابن سيد الناس في شرحه لجامع الترمذي المسمى (النفح الشذي) ، هذا الرأي خلاصته :
أنه ينبغي أن لا يجزم في موضع من المواضع , أو لفظة من الألفاظ ، أو في كل إطلاق على حديث من الأحاديث بأن الترمذي يُريد كذا وكذا بحيث تُعطى قاعدة عامة بأن مراد الترمذي هومثلاً : الحُسن اللغوي ، أو أن الترمذي أراد حسناً باعتبار إسناد ، وصحيحاً باعتبار إسناد آخر إلى آخر هذه التوجيهات .
وكذلك ينبغي أن تقوم دراسة متأنية لكل حديث من الأحاديث التي أطلق عليها الترمذي هذا الإطلاق ، والدراسة تتلخص في :
أ ـ جمع طرق الحديث وأقوال العلماء فيه .
