فقال أبو زرعة : ولمن ترك الباقي ؟ ثم ذكر بعد ذلك كلاماً قال : إنه يطرق لأهل البدع علينا . يقصد أنه حينما يفرد هذه الأحاديث الصحيحة ومجموعها أربعة آلاف حديثاُ ، كأنه يقول : ليس هناك من الحديث الصحيح سوى هذه الأربعة آلاف .
والحقيقة أن مسلماً رحمه الله لم يدع ذلك ـ لا هو ولتا شيخه البخاري ـ ، وذكرت أن البخاري ـ رحمه الله ـ ما ادعى أنه حصر جميع الحديث الصحيح ، بل إنه ليصحح أحاديث كثيرة في خارج الصحيح ينقلها عنه الترمزي وغير الترمزي .
وكذلك مسلم ـ رحمه الله ـ ما أدعي أنه حصر جميع الأحاديث الصحيحة ، بل نجده يسئل احياناً عن بعض الأحاديث فيصححها ، كما ورد في آخر كتاب الصلاة أن أبا بكر ابن أخت أبي النضر سأله عن حديث أبي هريرة مرفوعاً الى النبي أنه قال " إذا قرأ الإمام فأنصتوا " فقال مسلم : هو عندي حديث صحيح فقالوا له : لما لم تخرجه في كتابك ؟ أو لم تضعه هاهنا ؟
فقال : ليس كل شيء عندي صحيح أودعته هاهنا ، إنما أودعت هاهنا ما أجمعوا عليه … ولست أريد الأن الخوض في هذه العبارة : ( ماأجمعوا عليه ) وما يريد بها مسلم ؟
