فنقول : مثل هذه الأحاديث لعل مسلما ً ترجح له أنها علل غير مؤثرة ، وأن تلك العلل التي
في الأحاديث التي اجتنبها قد تكون مؤثرة ، وإن كان يترجح له أيضا أنها أحاديث صحيحة ، ولكن قد يكون إعلالها أقوى .
ثم إنه ـ رحمه الله ـ أشار الى أنه انتقاه ـ أى الاثنا عشر ألف حديث ـ من ثلاثمائة ألف حديث ، والكلام في هذا هو نفس الكلام الذي ذكرته عن البخاري ـ رحمه الله ـ حينما انتقي صحيحه من ستمائة ألف حديث ، قالمقصود إذا بما في ذلك المكرر بكثرة الطرق ، وبما في ذلك من الموقوف والمقطوع .
ووردت عنه ـ رحمه الله ـ عبارة أنه قال : " ما وضعت في كتابي هذا شيئاً إلا بحجة ، وما أسقطت منه شيئاً إلا بحجة " والمقصود بالحجة الحجج العلمية التي تجعله يودع أو يذر .
مميزات صحيح مسلم :
نجد كثير من أهل العلم أعجب بصحيح مسلم غاية الإعجاب ، ذلك بسبب حسن ترتيبه وتلخيصه لطرق الحديث بغير زيادة ولا نقصان ، واحترازه أيضاً من التحول في الأسانيد عند اتفاقها من غير زيادة ولا نقصان ، وتنبيه على ألفتاظ الرواة من اختلاف في متن أو اسناد ولو في حرف .
نجده مثلا ـ رحمه الله ـ يعني عناية تامة بالتنبيه على الروايات المصريحة بالسماع ، وينتقيها إنتقاء ، وذلك تلافياً منه للكلام في الإسناد المعنعن ، سواء كان ذلك الراوي الذي ورد التصريح منه بالسماع مدلساً أم غير مدلس ، فإن كان موصوفاً بالتدليس ، فلا شك أن مسلماً ريحمه الله يحرص أكثر ، ويحرص أيضاً حتي لو لم يكن الراوي موصوفاً بالتدليس .
