…2ـ كما ان من جوانب التفضيل جمع مسلم رحمه الله لطرق الحديث مكان واحد ، وليس كالبخاري الذي يفرق هذه الطرق في أماكن متعددة وكما قلت سابقاً : إنها قد تصل الى أكثر من عشرين موضعاً بسبب ما ينتزعه من ذلك الحديث من فقه ، فنجد أنه يقطع الحديث ، ربما أورده في الصلاة ثم الطهارة ، ثم في الزكاة ، ثم في الحج ، ثم في الصيام ، ثم في غير ذلك من الأبسواب ، وفي كل باب نجده يأخذ من الحديث ناحية فقهية ويودع ذلك الحديث في ذلك الباب لهذا السبب .
أما مسلم فلا يصنع ذلشسك في الغالب جداً ، قد يقع عنده في بعض الأحيان حديث مكرر في موضعين تقريباً مثل حديث ابن عباس في الأشربة في وفد عبد القيس حينما قدموا ، فإنه كرره في موضع آخر ، ولكن هذا قليل جدا عند مسلم ـ رحمه الله ـ والقلة النادرة لا يبني عليها شيء ، ولا يقاس عليها ، ولا يعتبر لها حكم .
فإذا الحكم الغالب لما في صحيح مسلم من الأحاديث : أن مسلماً ـ رحمه الله ـيجمع جميع طرق الحديث ويجمعها في المكان الأليق بها ، فإذا وجد أن معظم مادة ذلسك الحديث يمكن أن تجعل في كتاب الطهارة ، جعلها في كتاب الطهارة ، حتي وإن كان فيه بعض المواضع التي يمكن أن يستفاد منها في كتاب الصلاة ، وفي غيرذلك من الأبواب ، فلا نجده يودعه في تلك المواضيع ، وإنما يجعلها في أليق المواضيع بذلك الحديث .
…3ـ ثم إنه يعنى بالطرق في ترتيبها ، فنجد أنه يقدم الطريق التي فيها أصحية ، ويقدم الطريق التي فيها إجمال ، ثم يرد فها بالطريق المبينة لها ، ويقدم الطريق المنسوخة ثم يأتي بعد ذلك بالطريق الناسخة ، هلم جرا.
ومن حسن ترتيبه وطريقته في السياق جعلت بيعض العلماء يفضلونه على كتاب البخاري . …
