فقال : هذه واحدة ، هات الثانية ، فطلب منه أن يروي السنن لأولاده فقال : هات الثالثة ، قال : الثالثة أن تفرد لأولادي مجلساً فإنهم لا يشتركون مع عامة الناس في مجالسهم . فقال : أما هذه فلا سبيل إليها .
ثم ذكر له أن هذا العلم لا ينبغي أن يخص به أحد لشرفه أو لرفعة مكانته فالناس كلهم فيه سواء ، فلبّى طلبين للأمير ، وهما طلبان لا بأس بهما، وامتنع من تلبية الطلب الثالث ـ رحمه الله تعالى ..
رحلته مع ابنه إلى مصر
ثم إنه واصل الرحلة فرحل إلى مصر في سنة أربعين ومائتين ، وكان معه ابنه عبد الله(1) وعمره إذ ذاك ما يقرب من عشر سنوات أو فوقها بيسير ، فلمّا رحل إلى مصر جاء إلى حلقة الإمام الجهبذ أحمد بن صالح المصري ، أحد المحدثين العارفين بعلل الحديث والمتكلمين في علل الرجال .
وكان مقصد أبي داود أن يستفيد هو بالتلقي من هذا الشيخ ،ومع ذلك يتلقى معه ابنه في حال الصغر ، فيظفر بعلو الإسناد أيضاً حينما يرحل به أبوه هذه المسافة الشاسعة وهو في هذه السنن ، فلا شك بأنه سيظفر بالتلقي من هؤلاء الشيوخ الذين ربما انتظر حتى يكبر فاته السماع منهم .
__________
(1) هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، الإمام العلامة الحافظ ، شيخ بغداد ، صاحب التصانيف انظر : الكامل لابن عدي (1102) وأخبار أصبهان (2/66) وتاريخ بغداد (9/464) ، وطبقات الحنابلة (2/51) وتاريخ ابن عساكر (9/185/أ) ووفيات الأعيان (2/404) ، وطبقات الشافعية (3/307) وسير أعلام النبلاء (13/221) وتذكرة الحفاظ (2/767) ، وميزان الاعتدال (2/433) ولسان الميزان (3/293) وشذرات الذهب (2/273) .
