منهجه في إيراد ا لأحاديث :
أما بالنسبة لمنهج أبي داود في إيراد الأحاديث والكلام عليها ، فإنه ـ رحمه الله ـ أراد لهذا الكتاب أن يكون جامعاً لأحاديث الأحكام ، ولم يُرد أن يكون كتاباً جامعاً لكل أبواب الدين ، وهذا يدعونا إلى الكلام على نوعين من المؤلفات وهما الجوامع والسنن .
فالجوامع :
هي الكتب التي ألفت لتضم جميع أبواب الدين ، بما في ذلك أحاديث الأحكام : كالطهارة والصلاة ، والزكاة ، وغير ذلك بالإضافة إلى باقي أبواب الدين : كالتفسير ، والرقائق ، والسنة ، والاعتصام بها ، والتوحيد ، وغير ذلك من الأبواب التي لا تدخل تحت باب الأحكام ، هذه هي الجوامع .
ومن أشهرها : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم فهما من الجوامع ، وكذلك كتاب الترمذي فهو يعد من الجوامع أيضاً .
أما بالنسبة للسنن :
فإذا التفتنا إلى السنن الأربع أو الثلاث ـ على اعتبار أن كتاب الترمذي من الجوامع ـ فإن الكتاني ـ رحمه الله ـ في الرسالة المستطرفة عرفّ السنن تعريفاً كأنه يقصره على هذه السنن الثلاث أو الأربع ـ فيذكر : أن السنن هي الكتب التي ألفت لتضم كثيراً من أبواب الدين ، وليس فيها شيءٌ من ا لموقوف أو المقطوع إلا نادراً . قال : لأن الموقوف والمقطوع لا يُسمى سنة في اصطلاحهم .
فهل يا ترى هذا التعريف ينطبق على كل كتاب سمي بالسنن ؟
الجواب : لا ، لأننا نجد في السنن ما يخالف هذا التعريف ،وذلك من ناحيتين : أولاً : من ناحية الشمول ، فنجد في بعض السنن ما يمكن أن يُشابه الجامع في شموليته لجميع أبواب الدين ،ونجد كذلك في السنن ما يكثر فيه إيراد الموقوف والمقطوع ، لأن الموقوف والمقطوع يسمى سنة في اصطلاحهم ـ على خلاف ما ذكره الكتاني .
