ولكن لأن كتب هؤلاء لم تصل إلينا يمكن أن نمثل بشيء بين أيدينا ذلك أننا نجد أن سنن سعيد بن منصور أوردت الأحاديث المرفوعة بالإضافة للموقوف والمقطوع ، فهذا الكتاب يُعتبر نموذجاً لتلك النماذج التي لم يصل إلينا منا شيء .
والسنن والمصنفات بمعنى واحد : فمصنف عبد الرزاق ، ومصنف ابن أبي شيبه هما نفس كتب السنن ، إلا أن الاختلاف فقط في التسمية ، فهؤلاء سموه المصنف وأولئك سموه السنن ، وهذا فقط هو من باب التفنن في التسمية لا غير .
وسعيد بن منصور سمى كتابه السنن ، وموضوع الكتاب ومادته العلمية تماماً كما هو في مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة ، فشملوا جميع أبواب الدين ، لأننا إذا نظرنا إلى سنن سعيد بن منصور مثلاً نجد فيها كتاباً للتفسير كاملاً ، فسر القرآن من أوله إلى آخره ، بالمأثور ليس فيه شيء إلا بالإسناد كذلك أيضاً نجد فيه كتاب الزهد ، وهو كتاب لا علاقة له بالأحكام ، كما أن تفسير القرآن لا علاقة له بالأحكام .
فمثل هذا يمكن أن يخرم ذلك التعريف الذي ذكره الكتّاني ،ولكننا نستطيع أن نوجّه كلام الكتاني على أنه قصد السنن الأربع أو السنن الثلاث فقط ، ولم يقصد شمول جميع ما يسمى بالسنن .
كذلك أيضاً إذا نظرنا في كتاب البيهقي الذي هو (السنن) نجد أنه بهذه الصورة أيضاً ، أو نحوها تقريباً ، وقد ركز في الغالب في كتابه على الأحكام ، ولكننا نجده أيضاً يُورد الموقوف والمقطوع في كتابه السنن .
