اللهم إلا أن يكون كلام أبي داود يمكن أن يفسر تفسيراً آخر ، وهو أنه يمشي على قاعدة شيخه الإمام أحمد ، وهو أنه إذا لم يجد في الباب شيئاً سوى ذلك الحديث الضعيف ، فالحديث الضعيف أحتّ إليه من آراء الرجال ، وهو مقدم عنده على آراء الرجال ، فبناءً على هذا يمكن أن يوجه الكلام ، ولكن الغريب أننا نجد في الباب أحاديث غير هذا الحديث الضعيف ، ومع ذلك يورده أبو داود ويسكت عنه ، فهذا يعكرّ على مثل هذا التوجيه .
ثناء العلماء على السنن وإعجابهم به :
أما كتاب السنن فيعتبر في الحقيقة من الكتب البديعة التي أعجب بها العلماء إعجاباً شديداً ، وذلك لجودة مادته العلمية ، وليس أدلّ على ذلك أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ استجاد هذا الكتاب واستحسنه حينما عرضه عليه أبو داود ،وتوافرت كلمات العلماء في الثناء عليه ، بل من جوانب الثناء عليه نجد هذه الخدمات التي قدمت لهذا الكتاب . فكم من الشروح التي لهذا الكتاب ، فهناك شرح للخطابي ، وهناك تخريجات للمنذري ، وهناك شرح " ابن رسلان" ، وهناك شرح لابن القيم ، وغير ذلك من الشروح كثير ، وكثيرٌ منها لم يكمل مثل شرح لـ " مسعود الحارثي" ، وسرح لـ " مغلطاي" ، وغيرهما .
كما أن هناك بعض من ألّف في شيوخ أبي داود كالجيّاني ـ رحمه الله تعالى ـ ألّف كتاباً في شيوخ أبي داود ، وبالإضافة للخدمات المشتركة التي قدمت لهذا الكتاب مع سائر الكتب الستة ، كالتأليف في رجالهم عموماً ، أو في أحاديثهم وترتيبها على الأطراف كما صنع ابن عساكر في الأطراف التي صنعها الستة كلها ، كل هذا بسبب جود ة هذا الكتاب كما ذكرت .
استدراك وتنبيه :
