وكانت النفوس آنذاك تتشوف الى هذه النقطة التي أشرنا إليها ، زهي فرز صحيح سنة النبي صلي الله عليه وسلم عن ما عداها . فربما كان هناك شيء من التذاكر لهذه المسألة : من ينهض بهذه المهمة ؟
فتكلم إسحاق في مجلسه بهذا الكلام . فقال : لو أفردتم صحيح سنة النبي صلي الله عليه وسلم بالتصنيف كان البخاري ـ رحمه الله ـ قد وقع ذلك من نفسه قبل ذلك ، ورأى في ذلك رؤيا ، رأى أنه أمام النبي صلى الله عليه وسلم وبيده مروحة وهو يذب الذباب عن وجه النبي صلي الله عليه وسلم فذكر ذلك لأحد المعبرين ، فعبر ها له بأنه يذب الكذب عن سنة النبي صلي الله عليه وسلم فلما ذكر شيخه إسحاق بن راهويه هذا الكلام قوي عزم البخاري ـ رحمه الله تعالي ـ في هذه المسألة ونشط في التصنيف .
وكان ـ رحمه الله ـ بلغ من الحفظ والإتقان درجة حسد عليها في عصره ، وكانت ولادته ـ رحمه الله ـ في سنة أربع وتسعين ومائة ، وذلك في الثالث عشر من شهر شوال في تلك السنة ، وبالتحديد في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة .
وابتدأ يسمع الأحاديث على المشايخ الذين في بلده ، وأخذ يرد عليهم ، وينتقد الأخطاء في سن مبكر ، حتي إنه يذكر عن نفسه ـ ربحمه الله ـ أنه كان عند شيخ له يقال له : الداخلي ، فذكر الداخلي إسناداً ـ عن سفيان أو عن أبي الزبير عن إبراهيم ـ فقال البخاري : هذا خطأ ، أو الزبير لا يروي عن إبراهيم .
