…الثاني: هل صحيح ابن خزيمة مقدم على صحيح ابن حبان؟
…فأما بالنسبة للأول:
…لما قال ابن الصلاح: "ويكفي مجرد كونه – أي الحديث – في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه في كتاب ابن خزيمة" – نجد الحافظ ابن حجر – رحمه الله – تعقب ابن الصلاح بقوله:
…"مقتضى هذا أن يؤخذ ما يوجد في كتاب ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما ممن اشترط الصحيح بالتسليم، وكذا ما يوجد في الكتب المخرجة على الصحيحين، وفي كل ذلك نظر. أما الأول: فلم يلتزم ابن خزيمة وابن حبان في كتابيهما أن يخرجا الصحيح الذي اجتمعت فيه الشروط التي ذكرها المؤلف – يعني ابن الصلاح –؛ لأنهما ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن بل عندهما أن الحسن قسم من أقسام الصحيح..." (1)أهـ.
…لذلك قد نجد في "صحيح ابن خزيمة وابن حبان" أحاديث يمكن أن يحكم عليها بالحسن وهي مدرجة على أنها من الصحيح، والسبب في ذلك أنهما لا يفرقان بين الحسن والصحيح، بل الحسن عندهما داخل في الصحيح.
…"وسمي ابن خزيمة كتابه المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة، وهذه الشروط مثل شروط ابن حبان سواء؛ لأن ابن حبان تابع لابن خزيمة مغترف من بحره، ناسج على منواله، وبلا شك لأنه شيخه، ومما يعضد ما ذكرنا احتجاج ابن خزيمة وابن حبان بأحاديث أهل الطبقة الثانية الذين يخرج مسلم أحاديثهم في المتابعات – كابن إسحاق، وأسامة ابن زيد الليثي، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغير هؤلاء.
__________
(1) انظر: "النكت": (1/290).