…هذا مع العلم بأن هذا الحديث الذي أخرجه من طريق ابن لهيعة من رواية عبدالله ابن وهب عنه. ورواية عبدالله بن وهب يعتبرها بعض العلماء وطلبة العلم من الروايات الصحيحة لأنه سمع من ابن لهيعة قبل الاختلاط، لكن ابن خزيمة يعتبر أن ابن لهيعة ضعيف في جميع أحواله قبل وبعد الاختلاط، ولاشك في أن حاله بعد الاختلاط أشد، فهو هنا يقول: "إنه لم يخرج حديث ابن لهيعة، إلا لأنه انضم معه في الخبر جابر بن إسماعيل".
…وكذلك أخرج حديثاً من طريق محمد بن جعفر – المعروف بغندر – عن معمر عن الزهري قال: أخبرني سهل بن سعد ثم ذكر حديثاً(4)، ثم قال بعده:
…"في القلب من هذه اللفظة التي ذكرها محمد بن جعفر – أعني قوله: أخبرني سهل بن سعد -، وأهاب أن يكون هذا وهماً من محمد بن جعفر أو ممن دونه"أهـ.
…فهذه مجرد أمثلة – وهي بمجموعها – وغيرها من الأمثلة – تعطي دليلاً واضحاً بلاشك على شدة تحري هذا الإمام – رحمه الله تعالى – في الحديث، وتدل دلالة واضحة على مكانة كتابه.
…ويرد على ما سبق ذكره أمران:
__________
(1) انظر: "صحيح ابن خزيمة" (1/75).
(2) عبدالله بن لهيعة ابن عقية، أبوعبدالرحمن المصري، القاضي، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء مقرون، مات سنة 74، وقد ناف على الثمانين، روى له مسلم، وأصحاب السنن عدا النسائي، تقريب ت: (3945).
(3) جابر بن اسماعيل الخضرمي، أبوعباد المصري، مقبول، من الثامنة، روى له البخاري في الأدب المفرد وباقي السنة عدا الترمذي. التقريب ت: 961.
(4) انظر: "صحيح ابن خزيمة" : (1/113).
