…والحقيقة أن موقفنا من هاتين النظرتين – سواء تقديم ابن حبان أو تقديم ابن خزيمة – ينبغي أن يكون موقف الناقد المتبصرل، فالشيح شعيب الأرناؤوط عنده تساهل في التصحيح، ويعرف ذلك من سير منهجه، فحكمه على غالب أحاديث ابن حبان أنها على شرط الصحيح، هذا حكم فيه نظر، ومن الظلم لابن خزيمة – رحمه الله – أن يحكم على كتابه بهذا الحكم، وليس في أيدينا منه سوى الربع فقط، أما الباقي فإنه مفقود.
…فالأولى أن يكون هناك دراسة فيها مقارنة بين هذا الموجود من صحيح ابن خزيمة وما يقابله من نفس الأبواب من صحيح ابن حبان، فيستبعد ما اتفقا على إخراجه من الحديث وينظر فيما زاده كل منهما على الآخر، وفق قواعد أهل الاصطلاح، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن ابن خزيمة – رحمه الله – يذهب إلى عدم تصحيح حديث الراوي الذي لا يعرف بعدالة ولا جرح، وأما ابن حبان فإنه يصحح حديث الراوي الذي بهذه الصفة ويوافقه عليه شعيب الأرناؤوط، فهذا يعتبر تغيراً منهجياً عندهم.
…فابن خزيمة استبعد أحاديث يمكن أن يخرجها في صحيحه، لو خرجها لأصبحت جملة الصحيح – بناء على نظرة ابن حبان وشعيب الأرناؤوط – كبيرة، ولكن ابن خزيمة يستبعدها لأنه لا يرى تصحيح حديث من لا يعرف بعدالة ولا جرح وإذا خرج شيئاً من هذه الأحاديث على قلتها فإنه ينص على التوقف عن الحكم على هذه الأحاديث بالصحة.
…ومن ثم ننظر في عدد الأحاديث المنتقدة على كل منهما – على ابن خزيمة وعلى ابن حبان-، ومن خلال ذلك نحكم أي الكتابين أرجح، وأيهما أصح حديثاً.
تنبيه هام حول الأحاديث المنتقدة على ابن خزيمة: