وأبو داود ـ رحمه الله ـ أراد أن يقصر كتابه هذا على أحاديث الأحكام فقط ، لأنه يرى أنها هي التي يرتكز عليها العمل ، وما عدا ذلك فلم ير أن هناك أهمية تدعو إليه ، إذن أبوداود ـ رحمه الله نحى منحى آخر في التصنيف .
عندما تكلمت عن صحيح البخاري ذكرت أن البخاري ـ رحمه الله ـ جاء في مرحلة وجد الناس في تصنيفاتهم : إما أنهم مزجوا الآثار التي جاءت عن الصحابة والتابعين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن التأليف خذا طابعاً آخر هو المسانيد ، فأراد البخاري ـ رحمه الله ـ أن يجعل هذه الأحاديث المرفوعة التي اهتم بها أصحاب البمسانيد مبوبة على أبواب الدين جمياً .
وأبو داود جاء بهذه الفكرة لكنه حصرها في نطاق معين وهونطاق الأحكام فقط ، فكتابه هذا يعتبر في تلك الفترة كأنه يدع من الكتب ، ولست أقصد البدعة المتعارف عليها عند أهل السنة ،ولكن هو ما يعتبر جديداً في بابه من هذه الحيثية.
رغبته في الاختصار عند تصنيفه للسنن .
كما أنه ـ رحمه الله ـ أراد لهذا الكتاب أن يكون مختصراً ، فلم يُرد التطويل ولو أراد التطويل لأصبح الكتاب بأضعاف حجمه حالياً ، والدليل على رغبته في الاختصار .
أولاً : الأحاديث التي يُوردها يُحاول جاهداً أن لا يورد الأحاديث المطولة ،وإذا وجد مادته العلمية في حديث طويل فإنه يختصر ذلك الحديث بحسب ما يستطيع ، فيركز في إيراد بعض جزئيات ذلك الحديث الت يها ما يخدمه في ذلك التبويب الذي يجعل ذلك الحديث تحته ، ويحذف ما عدا ذلك ،وربما أشار بقوله : الحديث أو " فذكر الحديث" ونحو تلك العبارات ، وقد صرّح بهذا هو في رسالته التي يصف فيها كتابه السنن .
