فإذن هو لم يقتصر على الصحيح فقط ، وإنما جمع الصحيح وغير الصحيح ثانياً : ومن رغبته في الاختصار أنه برغم أنه شمل جميع أبواب الأحكام وبوّب تبويبات جيدة إلا أنه ـ رحمه الله ـ لا يورد في الباب الواحد إلا عدداً قليلاً من الأحاديث ، حديثاً أو حديثين كما صرّح به هو أيضاً في رسالته المذكورة ، ويحاول أن يقتصر على الأحاديث الصحيحة في إيراده لها .
ولكن هل شمل جميع الأحاديث الصحيحة ؟
قد صرّح أبو داود بأنه قد يترك بعض الأحاديث الصحيحة ـ أحياناً ـ اكتفاء بغيرها عنها ، فإذا وجد حديثاً مروياً عن ثلاثة من الصحابة ، نجد أنه ربما أورده عن صحابي واحد ، وإن أكثر فعن صحابيين ، ويترك ما عدا ذلك ، لا يورد الحديث من جميع طرقه عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ويحاول أن يقتصر على المشهور من هذه الأحاديث فينتقيها انتقاء ـ رحمه الله .
ثم إنه حينما يفرغ من إيراد الحديث الصحيح ربما أورد بعد ذلك غير الصحيح ، وإيراده لغير الحديث الصحيح يحاول كما يقول أن يركز على الأحاديث المشهورة فلا يورد الغرائب والمناكير ، وقد صرّح بهذا أيضاً .
فهل تحقق له ما أراد أو لم يتحقق ؟
والجواب : عن هذا حينما ندخل في جزئية أخرى وهي شرط أبي داود في كتابه (السنن) ففي رسالته المذكورة إلى أهل مكة ذكر أنه يخرج في الباب الصحيح وما يشابهه ، وما كان فيه من وهن شديد فإنه يُبنيه ، فدلّ هذا على أن الأحاديث في سنن أبي داود على ثلاثة أقسام :
1 ـ فمنها الصحيح وما يشابهه ولعله الحسن .
2 ـ ومنها الضعيف الذي ضعفه شديد ، فهذا يذكر أنه يبينه أي ينص على أن هذا الحديث ضعيف بكلامه في أحد رواته أو قدحه بذلك الحديث نفسه .
