وأخذ الشيخ يُحدث الترمذي من حفظه ـ الشيخ حافظ لأحاديثه ، ثم ألقى نظرة على الترمذي وإذا بالجزءين بياض . فقال له : أما تستحي مني ؟! ثم استفسر الشيخ عن السبب ، فأخبره بأنه يحفظ هذه الأحاديث حفظها . فقال : هات ـ اعرض ، فأخذ الترمذي يُحدثه بتلك الأحاديث التي حدّث بها الشيخ من غير أن يخطئ شيئاً .
فقال : إنك استظهرت ذلك قبل أن تأتيني ـ يعني كنت حافظاً ومعداً نفسك .. قال : لا ، ألفي عليّ ما تريد ، فألقى عليه ذلك الشيخ أربعين حديثاً من غرائب حديثه مما يظن أن الترمذي لم يسمعها من قبل . فأعادها عليه الترمذي حديثاً حديثاً على التوالي من غير أن يخطئ حرفاً .
فقال له ذلك الشيخ : ماظنت أن أحداً مثلك ـ أو نحواً من هذه العبارة ـ إعجاباً منه بحفظ الترمذي(1) ـ رحمه الله ـ
عبادته ـ رحمه الله تعالى :ـ
ومع حرصه على الطلب والتلقي فإن الترمذي ـ رحمه الله ـ صاحب هذه الصفة من صفاته صفاتٌ حسنة أخر ، كجانب العبادة السلوك عموماً ، فنجده رحمه الله ـ ممن وصف بالورع والزهد والعبادة .
__________
(1) انظر : سير أعلام البلاء (13/273) .
