ولعل هذا مما يدل على أن الترمذي ـ رحمه الله تعالى ـ لم يولد ضريراً ، وإنما ضرّ في آخر حياته .
ولمَا له ـ رحمه الله ـ من المكانة نجد التلاميذ حرصوا على التلقي عنه مثل أبي عباس المحبوبي الذي هو راوي كتاب السنن ، والهيثم بن كليب الشاشي ـ صاحب المسند الذي طبع بعضه الآن ـ وهو أحد الرواة للسنن ولكنه مشهور برواية كتاب الشمائل للترمذي .
تجهيل ابن حزم للإمام الترمذي :
ولاشك أن فضل الترمذي ـ رحمه الله ـ معلوم لدى كافة العلماء ، لكننا نعجب من ابن حزم ـ رحمه الله ـ حينما نصّ على أن الترمذي مجهول في كتابه المحلي ، وفي غيره أيضاً من كتبه ، وهذا التجهيل من ابن حزم للترمذي لا يضر الترمذي شيئاً ، وإنما عاد ضرره على ابن حزم ، فإن العلماء كافة استغربوا هذا الصنيع من ابن حزم .
وبعضهم ذهب ليعتذر عنه ويقول : إن سنن الترمذي أو جامع الترمذي لم يدخل بلاد الأندلس إلا بعد وفاة ابن حزم ، ولكن هذا الكلام غير صحيح ، فإن ابن حزم ممن اطلع على جامع الترمذي وكان موجوداً في عصره ، ولكن إما أن ابن حزم له منهج في التجهيل يؤدي به إلى تجهيل مثل الترمذي ، أو أن مجرد دخول الكتاب ـ أومجرد مطالعته ـ للكتاب لا تكفي في الحكم على الترمذي بـ " الثقة" لكونه لا يعرف عن حياته شيئاً ، والعلم عند الله تعالى .
وفاته ـ رحمه الله تعالى :ـ
توفي الترمذي ـ رحمه اله تعالى ـ في ليلة الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رجب ، وذلك في سنة تسع وسبعين ومائتين .
أما بالنسبة لكتابه الجامع فإنه من الكتب التي ألفها الترمذي ـ رحمه الله ـ في أواخر حياته ـ فيما يظهر ـ أو على الأقل فرغ من الكتاب في آخر حياته .
__________
(1) انظر : تهذيب التهذيب (9/389) سير أعلام النبلاء (13/273) .
