وتلميذ آخر مثله تماما : يأخذ متون أحاديث ويركب عليها أسانيد أحاديث عند تلميذ آخر ، وهلم جرا ، حتى قلبوا عليه المائة حديث ، فحينما قدم أخذوا يلقيون عليه كأنهم يسألونه سؤال التلميذ للعالم يلقون عليه هذه الأحاديث واحداً تلو الآخر ، وفي كل حديث يقول رحمه الله : لا أعرفه ، والناس يتعجبون من هذا البخاري الذي يتحدث عن حفظه إلى هذا الحد ، ولم يعرف حديثاً واحداً من هذه الأحاديث .
فحينما فرغوا من المائة أخذ يعيد عليهم ما أملوه عليه من طريق الخطأ ، ثم يرد الخطأ إلى الصواب ، فيشير إلى كل واحد فيقول : أما حديثك الأول الذي قلت فيه : كذا وكذا ، فصوابه كذا وكذا وكذا ، فإسناد حديثك هو الإسناد الذي عن فلان ، فرد المائة حديث التي قلبوها عليه ـ ردها إلى الصواب .
الحافظ العراقي ـ رحمه الله ـ لما أورد هذه الحكاية قال : أنا لا أعجب من رد البخاري الخطأ إلى الصواب ، ولكن أعجب كيف أن البخاري حفظ الخطأ من أول وهلة .
فهذه القصة أوردها الخطيب البغدادي في تاريخه من طريق بن عدي صاحب الكامل عن أشياخ له ، وإبن عدي لم يدرك البخاري ، وهؤلاء الأشياخ مبهمون ، والله أعلم هل هم ثقات أو لا ؟
وإن كانوا ثقات فهل سمعوه ، أو شاهدوا هذه القصة ، أو أخذوها عن غيرهم ؟ وهذا الغير هل هو ثقة ؟ وهلم جرا يتسلسل الأمر .
لذلك قلت : من حيث الإسناد فهي لا تثبت ، وأما من حيث المتن فعندي أن فيهاا شيئاً من الغرابة ، وهو الذي دعا الحافظ العراقي إلى إستغراب حفظ البخاري للخطأ من أول وهلة . وعلى كل حال مادام أنه يحفظ ـ رحمه الله ـ بهذه الصورة إلي هذا الحد الذي نذكره .
