…وأما ما يورده قاصداً لكونه عارض بعض ما يذهب إليه، فمن أمثلته أنه بوب في كتاب الصيام في صحيحه باباً فقال فيه: "باب ذكر البيان أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعاً"(1).…ثم أورد ما لديه من أدلة في ذلك، وأخذ يناقش القائلين بخلاف هذا القول، ويورد أدلتهم ويتكلم عنها.
…ومن جملة الأدلة التي أوردها للمخالفين له حديث: "ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة، والقيء، والحلم"(2). أورده من طريق عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أعله فقال: هذا الإسناد غلط ليس فيه عطاء بن يسار ولا أبوسعيد، وعبدالرحمن بن زيد(3) ليس هو ممن يحتج أهل التثبيت بحديثه لسوء حفظه للأسانيد، وهو رجل صناعته العبادة والتقشف والموعظة والزهد، ليس من حفاظ أحلاس الحديث الذي يحفظ الأسانيد... إلى آخر كلامه – رحمه الله -.
…فهذا الحديث لم يورده ابن خزيمة لأجل أنه صحيح محتج به، وإنما أورده لإعلاله وإبطال حجة المخالف.
…فالحاصل أن ابن خزيمة – رحمه الله – غلط عليه بعض الناس غلطاً كبيراً وألزمه بما لا يلزم.
غلط الحافظ ابن حجر على ابن خزيمة:
…ومن أمثلة غلطهم عليه أنه أخرج حديثاً من طريق ابن المطوس عن أبيه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله، لم يقضه عنه صوم الدهر"(4).
__________
(1) انظر: حيح ابن خزيمة (3/226).
(2) أخرجه ابن خزيمة (1972)، وهو عند الترمذي (719)، وقال الترمذي: غير محفوظ.
(3) * عبدالرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم، ضعيف، من الثامنة، مات سنة 82، روى له الترمذي وابن ماجه. تقريب: ت: 4312.
(4) انظر: صحيح ابن خزيمة (3/238). والحديث أخرجه أيضاً أبوداود (2396، 2397)، والترمذي (723)، وابن ماجه (1672)، وغيرهم.